اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 314
قوله تعالى: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ قال بعضهم: معناه: لا يعاقبهم بلا جُرمٍ. وقال الزجاج:
أعلمنا أنه يعذب من عذبه باستحقاق.
[سورة آل عمران [3] : الآيات 109 الى 110]
وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109) كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ (110)
قوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ سبب نزولها أن مالك بن الصيف ووهب بن يهوذا اليهوديين، قالا لابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة، وأُبي بن كعب، ومعاذ بن جبل: ديننا خير مما تدعونا إليه، ونحن أفضل منكم، فنزلت هذه الآية [1] ، هذا قول عكرمة ومقاتل.
وفيمن أُريد بهذه الآية، أربعة أقوال: أحدها: أنهم أهل بدر. والثاني: أنهم المهاجرون.
والثالث: جميع الصحابة. والرابع: جميع أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم، نقلت هذه الأقوال كلها عن ابن عباس.
(201) وقد روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أنه قال: «إِنكم توفون سبعين أمة أنتم خيرها، وأكرمها على الله عز وجل» . قال الزجّاج: وأصل الخطاب لأصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهو يعم سائر أمته.
وفي قوله تعالى: كُنْتُمْ، قولان: أحدهما: أنها على أصلها، والمراد بها الماضي، ثم فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن معناه: كنتم في اللوح المحفوظ. والثاني: أن معناه: خلقتم وجدتم. ذكرهما المفسرون. والثالث: أن المعنى: كنتم مذ كنتم، ذكره ابن الأنباري. والثاني: أن معنى كنتم: أنتم، كقوله تعالى: وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [2] . ذكره الفراء، والزجاج. قال ابن قتيبة: وقد يأتي الفعل على بنية الماضي، وهو راهن، أو مستقبل، كقوله تعالى: كُنْتُمْ ومعناه: أنتم، ومثله: وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى [3] ، أي: وإذ يقول. ومثله: أَتى أَمْرُ اللَّهِ [4] ، أي: سيأتي، ومثله:
حديث صحيح بشواهده. إسناده حسن للاختلاف المعروف في بهز عن آبائه، وهي سلسلة الحسن، وللحديث شواهد، جد بهز هو معاوية بن حيدة رضي الله عنه. أخرجه الترمذي 3001 وابن ماجة 4287 وأحمد [4]/ 447 والحاكم [4]/ 84 والطبري 7619 والطبراني في «الكبير» 19/ 1023 و 1030 من حديث بهز بن حكيم.
وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: حديث حسن. وذكره الهيثمي في «المجمع» 18645 وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات.
- وأخرج الطبري 7621 عن قتادة قال: «ذكر لنا أن نبي الله صلّى الله عليه وسلّم قال ذات يوم وهو مسند ظهره إلى الكعبة:
نحن نكمل يوم القيامة سبعين أمة، نحن آخرها وخيرها» اه. وللحديث شواهد يتقوى بها إن شاء الله تعالى.
ويشهد له ما أخرجه أحمد [3]/ 61 (11193) عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «ألا وإن هذه الأمة توفّي سبعين أمة هي أخيرها وأكرمها على الله عز وجل» . وهو حديث حسن، وسيأتي. [1] ضعيف. ذكره الواحدي في «أسباب النزول» 235 عن عكرمة ومقاتل بدون إسناد وأخرجه الطبري 7607 عن عكرمة مرسلا مختصرا. [2] سورة النساء: 96. [3] سورة المائدة: 116. [4] سورة النحل: 1. [.....]
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 314